كتاب عبده 1 – مقدمة تاريخية
عبد الرحمن المكي
ديسمبر 29, 2015
رأي
1,532 زيارة
الكتابة عند كثير من الناس فعل إرادي ، لكنه عندي أنا فعل لا إرادي ، مثله مثل التوجه إلى مطاعم المندي بمجرد استنشاق رائحة الدجاج المشبعة بعطر التوابل.
لذلك ، كلما سرت في الطرق والشوارع ، أراني ألاحظ شخصيات مختلفة في هذه الحياة ، مختلفة ومتباينة وغريبة ومتطرفة الطباع أو الأفكار.
ورغم أني لست من الشخصيات الناقدة التحليلية ، إلا أن قلمي ليس كذلك ، فوجدتني أكتب عن كل هؤلاء الشخصيات، فآتي ساخرا مرة ، وجادا مرة ، ومحايدا أغلب الأوقات.
أنتجت كتاباتي في هذا الشأن على مدار عقود ، وهي عبارة وجدتها عميقة فكتبتها ، المهم أنني أخرجت في النهاية : كتاب عبده ، وهو ليس إنتاجي وحدي إن شئنا الدقة ، بل نتاج حياة كاملة تأثرت وأثرت وقتلت وانقتلت.
كتاب عبده :
كتاب ستتم كتابة فصوله على مدار عام ، ثم يطبع كتابا كاملا، حتى إذا تم عرضه في المكتبات يقول عبده الوغد : ولماذا أشتري كتاب عبده ، بأربعين جنيها ، وأنا
يمكنني قراءته من على النت مجانا ، وبذلك تفشل الطبعة الأولى ، ويفلس الناشر ، ويضحك عبده المتشفي ضحكات متقطعة شريرة.
الكتاب نظرة إلى عبده ، في مراحل حياته ، وأنواع شخصيته ، نظرة قد تكون ساخرة أو معجبة أو ناصحة أو فارغة.
اخترنا اسم عبده ، لأن عبده ، هو أنا وأنت ، هو كل (عبد) لله ، فبذلك يصدق الكلام على كل من يقع عليه ، هذه واحدة ،
والأخرى : لأن المصريين يعبرون بهذا الاسم عن المبهم ذي السلوك الغريب ، فإذا رأوا مثلا شخصا يتحدث بسهوكة ، سموه عبده النحنوح ، وإذا رأوا شخصا يهدد ويتوعد بلا فعل حقيقي ، قالوا : عامل فيها عبده الشرس ، وهلم جرا
والثالثة والأخيرة : أنهم ينطقونه بطريقة تحذف هاء عبده ، وتوصلها بما بعدها ، هكذا : عبدُرّايق ، عبدُلمنقذ ، فتقع على الأذن وقعا جميلا ، ويلتحم عبده مع شخصيته التحاما.
هناك جملة رائعة للرائع أحمد خالد توفيق ، تقول بأنه ليس المهم عندنا ماذا تكون ، بل ، كيف تبدو ، لذلك فإن معظم عبده ، الموجودين هنا ، هم مفتعلون ، يمثلون أدوارا يريدون أن يبدوا عليها.
بالمناسبة ، كثير منا يتنقل بين أدوار عبده ، إما بكامل إرادته أو بترك نفسه للحياة تشكله ، لكنك لا تستطيع أن تنكر أنك مرة تكون عبده الخبير ، ومرة عبده الشرس ، ومرة عبده الحنون ، ومرة عبده النذل ، إلخ إلخ….
هذا كتاب عبده ، وسيأتيكم عبده وراء عبده ، فاستحضروا معي عبده المثقف ، واقرأوا الكتاب ، ثم أرسلوا لي عبده الناقد ، ليستخرج القطط الفطسانة ، ويحيل حياتي جحيما ، وسألعب معه دور عبده المتجاهل كعادتي.
الإهداء :
إلى عبده.