احيانا الافكار المثالية تتحول مع الايام إلى منظومة كبيرة من القبح، ويشهد على ذلك عدد من المدن الفاضلة التي بناها عدد من المفكرين والفلاسفة في خيالهم، على اسس من الحرية و العدل و المساواة و الحقو الجمال، واكملوا تشيدها باحجار اسوار قاسية من القواعد و القوانين المتطرفة احيانا بغرض حماية تلك القيم السامية والجميلة.
وينتهي في اغلب هذه المدن الخيال إلى واقع بشع من القيود و القمع و البطش من اجل الحفاظ على قيم تختفي تدريجيا من الصورة ليبقى الواقع ببشاعته يحمي نفسه من نفس القيم التي اوجد خطاءا لحمايتها.
واهم ما يتبقى من هذا الواقع هو الكره لأي شخص أو اي فكر ضد هذه المدينة الفاضلة التي لم تعد موجودة من اساسه، وتبقى منها فقط ذلك النظام الذي يحميها منه، و يستغل اصحاب المصالح من هذا النظام فكرة عدو المدينة الفاضلة ليستخدموا طاقة الكره ضد كل من يحاول ان ينال من مصالحهم أو على الاقل مما تعودوا عليه بفضل بقايا المدينة الفاضلة.
وينتهي الامر إلى ان وجود عدو يستخدم ضده طاقة الكره و من بعدها قوة القمع، هو إثبات لوجود مدينة فاضلة، يجب حمايتها من امثال هذا العدو، الذي يصور على انه هادم القيم النبيلة، لا كشخص يحارب نظام سيء لا قيمة له بعد الآن، أو صاحب خيال به مدينة فاضلة أخرى.